19 - 06 - 2024

مؤشرات | رسالة إلى رئيس وزراء مصر

مؤشرات | رسالة إلى رئيس وزراء مصر

في ظل الأزمة التي تراوح مكانها بين الحين والآخر، وتضع الدولة لها حلولا البعض يعتبرها، خاصة من أهل الإختصاص أنها "حلول مؤقتة"، تلك الأزمة هي السيولة النقدية الأجنبية، والتي عصفت بالعديد من القطاعات وتأثر بها كل االناس من مختلف الطبقات.

ورغم تنوع الحلول بين بيع أراضي الدولة للمستثمرين، وتسييل أصول الدولة، والإقتراض من الخارج، سواء من دول أو مؤسسات دولية، وغيرها من المنح والهبات والودائع، يبقى الحل الأنجح في كل الأحوال هو تخليق موارد طبيعية للنقد الأجنبي، من خلال تعظيم الإنتاج البديل للمستورد، وتعظيم منتجات التصدير، وتشجيع العاملين بالخارج على تحويل مدخراتهم، بخلاف الدفع بقطاع السياحة للأمام، وعلاوة على مورد آخر مهم وهو تشجيع المستثمرين من الداخل والخارج على ضخ إستثمارات ورؤوس أموال للسوق المحلي لتعظيم المنتج الوطني، والوصول إلى منتج تصديري بجودة عالية.

والبديل الأخير والذي يتعلق بتعزيز الإستثمار، هل هو واقع أم هناك معوقات أمامه؟، وهل هناك من تعقيدات تواجه من يرغب في إقامة مشروعات بالسوق المحلي؟.

الإجابة عن هذا ليست سهلة، وبحاجة إلى تعمق في البحث والتدقيق، حتما تقوم الدولة بجهود في هذا المجال، وأقرت العديد من القوانين، وصدرت عشرات القرارات، وتم تنظيم وإقرار العديد من اللوائح الكفيلة بإستقطاب مستثمر وطني وعربي وأجنبي لسوقنا المحلية.

وهناك من يرى أن هذا ليس كافيًا، بل نحن بحاجة إلى شفافية أعلى في القرار الإستثماري، والحد من عمليات الإحتكار لقطاع معين لجهة سيادية أو لرجل أعمال، أم لمؤسسة بذاتها للإستثمار في هذا القطاع أو ذاك.

للأسف هذا واقع يعرفه كثيرون غيري، وتفعله الدولة والحكومة ومؤسساتها، فما القصة لندرسها ونعالج مخاطرها، ومساوئها، لنتخطي أزمات وطن في ظل دولة جديدة، من المفترض أنها تفتح أذرعها لأفكار التطوير والتحديث، وفتح الباب أمام كل فكرة تدعم إقتصادنا الوطني، وتضخ في شراينه دماء جديدة من الإستثمار والأفكار.

قبل أيام عاتبت صديق لي من المتخصصين والخبراء في مجال الزراعة والحديثة منها بشكل خاص، على تركيز أعماله وإستثماراته وإستثمارات شركائه خارج مصر، دون أن ننال منها نصيبًا في ظل أزمات الغذاء ونمو الطلب في ظل زيادة الكثافة السكانية، بخلاف ما نعانيه من غلاء في الأسعار للسلع الغذائية والمنتجات الزراعية.

وتقبل صديقي – الذي أحتفظ بإسمه- عتابي بصدر رحب، ولكنه كشف عما أستطيع أن أسميه "مأساة مستثمر" عندما سعى للإستثمار مع شريك مصري.

وروى صديقي الخبير المتخصص في الزراعات االحديثة، والذي يقع على رأس قائمة مؤسسة عربية معنية بالقطاع الزراعي، قائلا "كنت في الاقصر للبحث عن 10 إلي 20 ألف فدان لإنشاء مدينة زراعية متكاملة بالتعاون والشراكة مع مستثمر مصري، وقد حصلنا على الأرض ومستعدين لترضية العرب، لإستكمال رسوم تسجيل الأرض والزراعة".

إلى هنا والأمور طيبة جدًا، إلا أن المفاجأة كانت في أن "مشروع أو شركة مستقبل مصر وضعت يديها علي كل الأراضي، وتم التواصل مع مسؤول مهم في مستقبل مصر، فطلب أن يتم استئجار الأرض من الشركة، أو هذا "الكيان"، على أن يكون له الكارت الذهبي في التصرف ونسبة من الانتاج بواقع 40%.

وتساءل صديقي الجاد "ازاي نستثمر في مصر"، في ظل هذا التعقيد والشروط، خصوصا أن مؤسسىة سيادية تؤجر الأراضي حول منشآتها بمبالغ دون إعطاء أي ورقة تدل علي السداد، وكأن هذا شئ آخر غير الإيجار"!!.

ووفقا لما قاله صديقي الجاد جدًا في نقل خبراته إلى مصر، وتلك المنتشرة في دول عربية عديدة وغير عربية، "للأسف تبين أن داخل أحد المنشآت الإستراتيجية أراض، يتم تأجيرها وزراعتها بلا أي إيصالات".. فهل هذا "مناخ صالح للاستثمار؟!".

ويطرح تساؤلات مهمة "أي مستثمر زراعي أو محجري، يمكن أن يقبل هذا؟، فمستقبل مصر شريك وبالكرت الذهبي يخرجك أي وقت، وتحديد ما تزرع، وكيف يضخ مستثمر استثمارات لاتقل عن 500 مليون جنيه في مناخ هكذا؟".

وقال ردًا على سؤالي له "أنا زعلان ..لا أجد شغلك في بلدنا وأجدها في دول شقيقة" (أنا كما بأزعل أيضا لعدم الشغل بمصر" ولكن المناخ غير مناسب، ففي دول شقيقة التسهيلات أكثر مرونة.

وأنقل لمعالي رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي ووزير التنمية المحلية والهيئة العامة للإستمار والوزراء وكافة الجهات المعنية ذات الإختصاص تساؤلات خبيرنا الزراعي وصاحب الإبتكارات التي يتحدث عنها العالم.. فهل من مجيب .. في انتظار من يرد للتواصل معه.. أرجو التفاعل من أجل مصلحة وطن.
------------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | (رغيف العيش) .. أمن اجتماعي وغذائي





اعلان